المسراخ .. تاريخ وحضارة

فبراير 27, 2025 - 15:33
 0  8
المسراخ .. تاريخ وحضارة

مديرية المسراخ واحدة من أهم المديريات في محافظة تعز الواقعة غرب جبل صبر الشهير، وكانت قديما تسمى مدينة جبأ

جبأ المدينة التأريخية التي كانت محورا مهماً في مؤلفات المؤلمفين، واسما بارزا في صفحات الكُتاب المشهورين. 

ذكرت جبأ في كثير من المصادر التأريخية القديمة ومنها كتاب صفة جزيرة العرب للحسن ابن يعقوب الهمداني، قبل ألف عام، بأنها: كورة المعافر وانها تقع في فجوة بـين جبـل صبر وجبل ذ َخِرْ (جبل حبشي)، وطريقها في وادي الضباب وتباشعة، وملوك المعافر «آل الكرندي من سبأ الأصغر» ينتمون لى «ولادة الأبيض بن جمال»، منازلهم بالحبيل من قاع جَبَأ الذي يفضي في المنحدر إلى ناحيـة بنـي مجيد ويضيف «الهمداني» أن جَبَأ مدينة المعافر، وهي «لآل الكرندي من بني تمامة إلى حمير الأصغر» وفي هامش «الصفة» يقول «الأكوع» إن جَبَأ كان يقام بها سوق في دورة الأسبوع، ويضيف «الأكوع» أن فلاح كان يحر ث مزرعته بجانب المدينة المذكورة إذ ظهر له صلول بلاط فتابع الحفر فأفضى به إلـى باب ثم إلى مكان صغير وعثر فيه على تمثال ثور على قاعدة من المرمر، وأمام التمثال مسرجة مصباح من المرمر وعليها كتابات بالمسند ثم جاءه الناس يشاهدون التمثال وما حوى، وحينذاك ساومه بعـض المارة من اليهود على بيعه، ودفع له مبلغا ً كبيرا ً وحدثت نفسه لماذا يساومه هذا اليهودي؟ وبهذا الثمن وهو مجرد صنم يعبد من دون الله فعمد الرجل إلى التمثال فكسره، أما المسرجة فقد باعها على انفراد بعد حين، ومدينة جَبَأ اليوم خربة لم يبق منها غير مسجدها وسوق هنالك يسمى سوق جَبَأ، وكانت من مدن اليمن المشهورة ومن المواقع الهامة في المسراخ، وحصبان تشكل عزلة تقع جنوب جبل صـبر، وهي حصبان أعلى وحصبان أسفل، ينسبها الإخباريون إلى «حصبان بن حذيفة بن حجر بن قـاول»، وهي تدخل ضمن نطاق مدينة جَبَأ الأثرية في الناحية الشرقية.

وكتب عنها الكاتب محمد محمد المجاهد في العصر الحديث في كتابه مدينة تعز غصن نضير في دوحة التأريخ العربي،  وهذا إن دل فإنما يدل عن مكانة مدينة جبأ التأريخية في التأريخ ولدى المؤرخين. 

لها عمق تأريخي متمثل في صناعة القرار السياسي إبان الدولة المعافرية التي اتخذت جبأ عاصمة لها. 

ناهيك عن العمق الاستراتيجي بحيث تعتبر المسراخ بوابة جبل صبر الأشم من جهة الغرب الذي كان له قيمة استراتيجية لدى الدويلات المتعاقبة التي حكمت اليمن، فيعد عمقا استراتيجيا لبناء الكيانات والحفظ عليها، واستمراريتها في الحكم والنفوذ. 

وفي العصر الحديث أضيف للمسراخ أهمية جغرافية أيضا باعتبارها منطقة ربط جغرافي مهم بين قضاء الحجرية المتحكم في باب المندب والقضاءات الأخرى في محافظة تعز. 

وتعتبر المسراح من المناطق الحيوية قديما وحديثا،  تجاريا وسكانيا،  بسبب موقعها الجغرافي وارتباطها مع مديريات ومدن اخرى، ووجود الممرات والطرق التجارية المهمة التي تربطها بالمناطق الساحلية، ومناطق جنوب اليمن،  مما أكسبها اهمية في أنظار التجار الأوائل. 

للمسراخ عادات وتقاليد وإرثٌ ثقافي واجتماعي، فهي منظومة متكاملة من

من مجالات شتى على مر العصور،  وجزء لا يتجزأ من اليمن الكبير ومدينة تعز مدينة الثقافة والعلم والأدب، بل هي نسخة مصغرة

من كليهما،  وهي انعكاس حضاري متجذر في أعماق التأريخ،  لها باع في الفن والأدب،  وباع في الثقافة والموروثات الشعبية والاجتماعية،  والسياسة. 

فمن حيث ـ الأعراف والتقاليد السائدة في جميع عزلها وقراها ـ

لها خصوصياتها في بعض العادات وتشارك مناطق اليمن الأخرى عادات مختلفة. 

فالأصول والثوابت المجتمعية سائدة فيها ومبادئ القبيلة حاضر في تكوينها الاجتماعي منظما لشئونها،  ويحتكم اليه الناس باعتبارها قوانين عرفية تعمل على لملمة النسيج الاجتماعي والحفاظ عليه من الاندثار،  وبالرغم من ذلك انخرط أبناؤها في ثورة البناء المؤسسي منذ وقت مبكر، 

فلا يوجد في قاموسها تعارض مابين العرف والدولة بل سخرت الاعراف لصون هيبة الدولة،  ودعم القوانين لتستقيم الحياة بانسجام طبيعي وخليط حيوي مكون من شقين اساسين هما العرف والقانون.

وكانت المسراخ سباقة دوما للإهتمام بالتعليم كرافعة أساسية وركيزة مهمة في بناء المجتمعات،سواء في عصر المعلامة، إبان أنظمة الحكم القديمة،  أو عصر النهضة التعليمية في زمن مابعد الجمهوريات.

إجتماعيا تمتلك  المسراخ مقومات المجتمع المسؤول، المتطلع إلى ترسيخ القيم المجتمعية وبث روح التعاون الإجتماعي في صفوف أبنائها، فعبر محطاتها التأريخية أثبتت أنها محصنة بثقافة التعاون المجتمعي، وظهر ذلك واضحاً من خلال تشييد المشاريع الخدمية بجهود ذاتية في كافة القرى والعزل،  فأوجدت حراكا تنمويا،  وشقت الطرقات الى اغلب المناطق، قديما وحديثا.

ما هو رد فعلك؟

like

dislike

love

funny

angry

sad

wow